على طريق عيتات يامي...
قطعوا صلاتي.
واحد حبيب الروح يامي...
واحد حياتي.ودعوني وراحوا يامي...
ليس صدفة ان يكون فنانا ملتزما يحمل
القضية عهدا. ففلسطين أرض مقاومة ولاتنتج
سوى الاحرار. وتاريخيا شهدت هذه الأرض
ولادة عظماء في تاريخ الفن والأدب.
فنه لم يكن يوما خارج حدود القضية أقام
معظم سنواته في لبنان وعايش الحرب الأهلية
لتكون سببا فيما بعد لرحيله إلى أميركا
الشمالية ومتابعة دراسته في العلوم
الموسيقية ونيله إجازة الدكتوراه ليعود
بعد غياب سبع سنوات إلى الساحة الفنية
بأغنية مناهضة للعنصرية على وقع أحداث
أيلول 2011.
عتبه على الحزب الشيوعي كبير ويأسف إلى ما
آل إليه هذا الحزب بعد تاريخ من النضال
الطويل والشريحة من الشباب الذين يمثلونه
اليوم فيقول *كيف بإمكانك إقناعي بشيوعي
لا يعرف من الشيوعية غير لبس البيريه
وارتداء كوفيه*
ويليام نصار.فنان محنك سياسيا يعرف كيف
يوصل رسالته بطريقة مباشرة وذكية فسيرة
حياته ونضاله كفيلان بأن يعطياه حق العتب
ولو كانت الحقيقة حاجة أحياناً.
في سكون كان لنا هذا الحديث الخاص الذي
يحمل في مضمونه الكثير من المراحل لنصل
إلى أحدث أعماله الفنية .
(سكون) نشأت في أجواء الحرب الأهلية وكنت
معروفا بالاغنية اليسارية, ما التغير الذي
طرأ على أعمالكم من الناحية الموسيقية
والغنائية ومن ناحية متابعي هذه الأعمال
بين تلك الفترة والآن؟؟
(نصار) بداية سؤال جيد,وتالياً تسمية
الأغنية باليسارية,أو الملتزمة , هي
تسميات حزبية بحتة وفي الحقيقة لاأعرف من
اين أتت ولاكيف, أنا اصنع أغنية ولا أضع
أغنيتي في تسمية القوالب , واذا كان لابد
من تسمية فلتكن *الأغنية البديلة*,كونها
تطرح وتعالج مواضيعا مغايرة للسائد.
الالتزام الحزبي والفكري شيء, والموسيقى
والأغنية شيء آخر وإن انعكس هذا الالتزام
على الاغنية نصا وموسيقى.
بالعودة الى سؤالك,نعم هناك تغير في العمل
الموسيقي والغنائي وبالتالي فهذا ينعكس
حكما على المتابعين لنوعية أعمالنا. في
السابق كانت اغنياتنا وموسيقانا تحاكي
يوميات الحرب...وكان جمهورنا مسيسا وحزبيا
وتحديدا من المقاتلين..
بعد انتهاء الحرب أصبح لابد من التفتيش عن
مسار جديد لأعمالنا مع مراعاة الابقاء على
نفس النهج الذي كنا نعمل عليه الا ان
انهيار التجربة السوفيتية والمنظومة
الاشتراكية,ووضع لبنان تحت رحمة الرأسمال
السياسي, وسيطرة الطائفية والمذهبية
والعفو عن العملاء,وتساقط العديد من
القيادات السياسية الوطنية, واعتكاف
الكثير من المناضلين, جعلنا نبتعد لفترة
ونراقب.
البعض من العاملين والناشطين في نفس
الاطار اختار الابتعاد لفترة, البعض الاخر
غير مواقفة كما يغير تصفيفة شعره, تماشياً
مع الاوضاع الجديدة, والبعض استغل فراغ
الساحة من هكذا اعمال موسيقية وغنائية
واعتبرها فرصة للتجارة والربح المادي تحت
شعار الالتزام والسياسة الخ...
(سكون) امضيت الحقبة الاكبر فنياً خارج
لبنان كيف اختلفت تجربتك فنيا بين لبنان
والخارج؟
(نصار) في لبنان كنت لا ازال في البدايات,
وحوربت من قبل بعض الاسماء التي كانت
محسوبة على الاغنية السياسية كوني قدمت
لونا مغايرا عنهم, وليس مكررا مثل
اعمالهم, وبدأ اسمي يوضع مع اسمائهم
الكبيرة في مدة زمنية قصيرة, اما الاشخاص
الوحيدون الذين اهمتوا فعلا بتجربتي
وعملوا على تنميتها واتخاذها المسار
الصحيح فهم: بطرس روحانا, وسامي حواط
,وعلى المولى، وسمير دياب ومرسيل خليفة.
كنت ارغب البقاء في لبنان وانماء تلك
التجربة, لكن الظروف السياسية والامنية
ومحاولة الاغتنيال الفاشلة, كل ذلك دفعني
للمغادرة وتوقفت سبع سنوات تابعت خلالها
الدراسة الموسيقية, وبعد حصولي على درجة
الدكتوراة في العلوم الموسيقية وانخراطي
في العمل الموسيقي الاكاديمي, بالاضافة
الى النشاط السياسي في الغرب, وقعت احداث
11 سبتمبر, فكان لابد من العودة الى
الأغنية لمواجهة التمييز العنصري,
والمضايقات الامنية, والمعيشية بحق
الجاليات العربية فعدت للأغنية من باب
اغاني الاحتجاج Protest Songs باللغتين
الانكليزية والفرنسية.
الاختلاف بين عملي في لبنان وعملي في
الغرب هو ان في الغرب هناك معايير اخلاقية
ومسلكية وثقافية تحكم العلاقات بين
الموسيقين, بالإضافة الى وجود مختصين في
ادارة الاعمال الموسيقية, عدا عن استيعاب
الغرب للموسيقى بطريقة مغايرة.
للأسف في لبنان يذهب متابعوا اعمالنا
لحضور أمسياتنا فقط كي يمضوا وقتا جيدا,
ويهتفوا ببعض الشعارات السياسية المكررة,
والتي لم يعد أحد على استعداد لسماعها,
بينما في الغرب فالمتابع يذهب لحضور أمسية
موسيقية أو غنائية للاستمتاع أيضا , ولكن
عندما يكون هناك كونسرت من اجل قضية عادلة
يخرج من الكونسرت ويعمل من أجل تلك
القضية.
أضيف الى كل ماذكرت , ان الموسيقي والفنان
عامة في الغرب لا يقول عن نفسه أنه محترف,
بل يعتبر ان كل ما قدمه, ويقدمه هو من باب
التجريب.
(سكون) سياسيا ماذا أضاف فنك للشارع
العربي, ونحن نعلم ان معظم اغنياتك تحاكي
القضية؟
(نصار) لا استطيع القول انني اضفت جديدا ,
سوى التمسك بالحلم, ورفع شعار*المجد للذي
يقول لا* باستثناء اغنيتي, والتي كانت
السبب في شهرتي * على طريق عيتات* التي
تردد في كل انحاء العالم العربي وقلة من
يعرفون ان هذه الأغنية هي من كلمات والحان
وليم نصار.
(سكون) على صعيد اليسار , او كحزب شيوعي
تحديدا كيف تقيم عمله الحالي؟ وهل مازال
يحمل القضية كما كان في ايام الحرب
الاهلية.
(نصار) مفهوم الحزب هو مجموعة بشرية تلتقي
معنويا وروحيا وفكريا من اجل تحقيق برنامج
معين, فعندما يفتقد الحزب لهذا الالتقاء
الفكري والمعنوي والروحي يصبح لاضرورة
لوجوده.
بالتأكيد لم يعد الحزب الشيوعي في السنوات
الخمس عشر الماضية , هو نفسه الحزب
الشيوعي ايام الحرب الأهلية وبالتالي ,
فإن الشيوعيين انفسهم لم يعودوا لافكريا,
ولا أخلاقيا, ولا مناقبيا, ولانضاليا, كما
كانوا ايام الحرب الأهلية وما قبلها.
كيف بإمكانك إقناعي بشيوعي لايعرف من
النضال غير لبس البيريه وارتداء كوفية ,
ونظارات شمسية رايبون؟!
أو بنطلون جينز مهترء سعره 300 دولار,
وحذاء الدو او كلاركس بأربعمائة دولار,
والنزول في مظاهرة من عشرة اشخاص ليلتقط
صورا لنفسه ويضعها على صفحته
الفايسبوكية؟!
كيف لي ان اقتنع بالشعارات التي يطرحها
هذا الشيوعي حول المساواة والعدالة
والحرية والدفاع عن الطبقات الفقيرة؟!
هناك حالة توحد مرضية, وشيزوفرانيا, يعاني
منها الشيوعيون الحاليون, فهم ضد حزب الله
لمصادرته المقاومة والاستئثار بها, ومع
حزب الله عندما يرفع شعارات تعزف على
الانتماء الطائفي الدفين في النفوس, ومع
قتل الشعب السوري وضد قتل اسرائيل
للفلسطينيين!! تلك مجرد اسئلة.
أما الحزب الشيوعي اللبناني كمؤسسة, فإنه
فقد اهم ركائزه الا وهي الوحدة الفكرية,
بالإضافة الى تمسكه بخطاب الخمسينيات
والستينيات وعدم قدرة قيادته وكوادره
وقاعدته على مواكبة العصر, فمثلا:لايزال
الحزب يتحدث عن البروليتاريا, والكل يعرف
انه لايوجد في لبنان بروليتاريا,
فالبروليتاريا الوحيدة في لبنان هن
الخادمات السيريلانكيات
هنالك العديد من القضايا المطلبية التي
يستطيع الحزب الشيوعي العمل عليها, بدلا
من حالة التخبط التي يعيشها, اهم تلك
القضايا هي الطائفية والمذهبية, مثالا
لاحصرا : بالإضافة الى القضايا المعيشية
وقضايا الحقوق المدنية الخ...
فبدلا من وضع برنامج نضالي ومطلبي شعبي
للتصدي للحالة الطائفية جماهيريا,
وطلابيا, وشبابيا نرى ان الحالة الطائفية
والمذهبية قد اخترقت الحزب الشيوعي وبشكل
سافر حتى تكاد حرف الواو تسقط من كلمة
شيوعي...
ربما يكاد الرفيق حنا غريب الشيوعي أن
يكون الوحيد القادر على تحريك بعض
الشيوعيين اللبنانيين ومؤيدي اليسار, لكن
هذا لايلغي ان الحزب بحاجة الى تجديد, الا
ان المشكلة الاهم في الحزب هي
*الستالينية* القميئة, والتي تمارس على كل
من يطرح رأيا مغايرا او يعترض, وبالنتيجة
تم تفريغ الحزب من اهم كوادره, ومثقفيه,
وناشطيه اما بالتحجيم او بالفصل او بالطرد
او ممارسة الاغتيال المعنوي, أي التشهير.
(سكون) وجهت رسالة للسيد حسن نصر الله,
ولماذا تمنيت ان يكون شيوعيا بالرغم من
انه رجل دين وهو لديه قضية ايدولوجية
دينية احد اهدافها المقاومة التي تلتقي مع
الفكر الشيوعي في الاساس؟ الا تعتبرها
مغامرة وانت مندرج من فكر يرفض
الايدولوجية الدينية ويطالب بالمساواة
والحكم الاشتراكي؟
(نصار) موضوع الرفيق حسن نصر الله شائك,
نعم هو رجل دين, ومن شريحة الاقطاعيين
الدينيين(سيد)...
الامر انني مع هذا الرجل في مقاومته
لاسرائيل... واعتبر باننا كشيوعيين فشلنا
في الاستمرار بالعمل المقاوم ليس فقط
لاسباب موضوعية خارجية بل ايضا العامل
الذاتي لعب دورا مهما في تفريغ مقاومة
الشيوعيين من محتواها, بينما نجح حسن نصر
الله في تحويل العمل الى عنصر توازن.
تمنيت لو كان حسن نصر الله شيوعيا لعدة
اسباب اولها الكاريزما التي يتمتع بها هذا
الرجل, والتي نفتقد كشيوعيين الى كاريزما
قيادية بعد رحيل جورج حاوي.....
وتمنيت لو كان شيوعيا لأنه استطاع توحيد
شريحة واسعة من مجتمعه خلف برنامج سياسي
عنوانه *مقاومة اسرائيل*, بينما نحن غير
قادرين على تنظيف بيتنا من الشوائب
والغبار..
وتمنيت لو كان شيوعيا لوجود الشفافية
لديه, فهو يفعل مايقول, لايهمني ان كان
محقا ام لا, الاهم عندي انه ينفذ مايقوله
ولايرفع الشعارات جزافاً.
الرسالة التي وجهتها للرفيق حسن نصر الله,
والتي انتشرت في كل أصقاع الارض عبر وسائل
التواصل الاجتماعي والموبايلات وغيرها...
لم يفهمها لا الشيوعيين ولامناصري حزب
الله..
فالشيوعيون فهموها من باب المديح له
والتقليل من شأن الشيوعيين فقط, بينما
فهمها مناصرو حسن نصر الله من الباب
الطائفي الضيق.
(سكون) الم تخف بان تتهم بأنك معارض؟ وقد
قرأنا في الاعلام رسالة موجهة عن موقفك ضد
الحزب الشيوعي فما رأيك؟
(نصار) لم اكن يوما ضد الحزب الشيوعي
اللبناني ولن اكون, كل مافي الامر انني
قلت لن البس الخسة مرة اخرى, أي لكم
شيوعيتكم الجامدة الستالينية غير
الانسانية التي لم تعد تصلح لهذا العصر,
ولي شيوعيتي التي محورها ومرتكزها
الانسان.
لا لم اخف من أي اتهام قد يوجه لي وقد وجه
بطبيعة الحال عبر تحريك الطائفة الجديدة
الطارئة على المسلكية الشيوعية والتي
اسمها * شبيحة الحزب الشيوعي* وجلهم من
طائفة واحدة للأسف ..
ولماذا اخاف؟!
يعرف الشيوعيون قيادة, وكوادرا, وقاعدة
انني الوحيد الذي بقى يعمل ويؤسس ويبني
مؤسسات وخلايا وفرق واصدقاء للحزب الشيوعي
اللبناني وجبهة المقاومة الوطنية
اللبنانية خلال سنوات الانكفاء الحزبي
المؤسساتي, حتى بات نشاطنا اكبر واقوى
واكثر فاعلية وشمولية من الحزب نفسه,
وباعتراف قيادة الحزب. وقد اختلفت مع
قيادة الحزب على طريقة واسلوب ادارة
النشاط الحزبي والجاليوي خارج لبنان,
ورفضت اسلوب الاوامر الستالينية وتحملت
مسلكية التشهير*تفليت الزعران* الامر الذي
احدث فراقا جماعيا, آمل ان يكون مؤقتا.
(سكون) كرمت من قبل الرئاسة الفلسطينية
لرفضك تسلم جائزة مهرجان الموسيقي
المتعددة الاثنيات في كيبك - كندا, بعدما
طلب منك مصافحة الموسيقية الاسرائيلية
هيلاينا أنحايل, بذريعة أن الموسيقى فوق
الخلافات السياسية, ماذا أضاف لك هذا
التكريم في مسيرتك الفنية الطويلة ونضالك
الفني؟
(نصار) التكريم كان منحي جواز سفر فلسطيني
دبلوماسي فخري انا والاسير المحرر سمير
قنطار ليس فقط بسبب رفضي مصافحة المؤلفة
الموسيقية الاسرائيلية, ولكن لسبب انني
كنت اول من رفع الصوت لفك الحصار عن غزة.
واول من نظم اعتصامات واضرابات وتحركات من
اجل فك الحصار عن غزة.
هذا التكريم اضاف التصاقا وايمانا اكبر
بعدالة النضال الفلسطيني ضد الاحتلال,
وايمانا راسخا لايتزعزع بان الحل للصراع
الطويل مع الاحتلال لاينتهي الا بإقامة
دولة وطنية ديموقراطية لكافة مواطنيها.
(سكون) في الوقت الحاضر, علمنا ان لديك
عمل جديد, اخبرنا تفصيله.
اعمل منذ مدة على البوم جديد بعنوان*شو
بتشبهي الرمان*.. وقد انتهيت من تسجيله
تقريبا والنصوص والموسيقى في الالبوم هي
تجربة جديدة سواء على صعيد الكلمة أو
الموسيقى.
يحمل العمل الطابع الانساني الرافض للحروب
والموت وهي دعوة للقتال باستخدام سلاح
الحب, بدلا من الرصاص والقذائف.
استلمت عرضا من احدى الشركات الانتاجية
الفنية الغربية لكنني رفضته لدعمها
اسرائيل والمستوطنات مقطع من الاغنية
الاساسية من الالبوم:
جسمك دهب صافي
بلون الخبا غافي
اسمر قمح لبنان
ولووو...لوووو...
شو بتشبهي الرمان..
(سكون) لبنان والعالم العربي يمر في ظروف
صعبة , اذا طلبت منك ان توجه رسالة للشباب
العربي اليوم ماذا تقول؟
(نصار) في زمن ما وقعنا في غرام الحروب
والثورات واستفقنا على سلم مفجع ومئات
الاف الجثث والمعاقين والجرحى والمهجرين
بعد كل حرب...يموت من يموت...ويبقى فقط
مشعلوها وقادتها يتنعمون بما جنته ايديهم
على حساب عرقكم وتعبكم ودمائكم وايمانكم
بافكار سرعان ما سيتخلى عنها عند السلم من
كان يرسلكم الى الموت.
علموا اطفالكم الموسيقى, علموا اطفالكم
الحب.
وليم نصار وحوار شامل مع مجلة سكون
حاورته ناهله سلامة
على طريق عيتات يامي...
قطعوا صلاتي.
واحد حبيب الروح يامي...
واحد حياتي.ودعوني وراحوا يامي...
ليس صدفة ان يكون فنانا ملتزما يحمل القضية عهدا. ففلسطين أرض مقاومة ولاتنتج سوى الاحرار. وتاريخيا شهدت هذه الأرض ولادة عظماء في تاريخ الفن والأدب.
فنه لم يكن يوما خارج حدود القضية أقام معظم سنواته في لبنان وعايش الحرب الأهلية لتكون سببا فيما بعد لرحيله إلى أميركا الشمالية ومتابعة دراسته في العلوم الموسيقية ونيله إجازة الدكتوراه ليعود بعد غياب سبع سنوات إلى الساحة الفنية بأغنية مناهضة للعنصرية على وقع أحداث أيلول 2011.
عتبه على الحزب الشيوعي كبير ويأسف إلى ما آل إليه هذا الحزب بعد تاريخ من النضال الطويل والشريحة من الشباب الذين يمثلونه اليوم فيقول *كيف بإمكانك إقناعي بشيوعي لا يعرف من الشيوعية غير لبس البيريه وارتداء كوفيه*
ويليام نصار.فنان محنك سياسيا يعرف كيف يوصل رسالته بطريقة مباشرة وذكية فسيرة حياته ونضاله كفيلان بأن يعطياه حق العتب ولو كانت الحقيقة حاجة أحياناً.
في سكون كان لنا هذا الحديث الخاص الذي يحمل في مضمونه الكثير من المراحل لنصل إلى أحدث أعماله الفنية .
(سكون) نشأت في أجواء الحرب الأهلية وكنت معروفا بالاغنية اليسارية, ما التغير الذي طرأ على أعمالكم من الناحية الموسيقية والغنائية ومن ناحية متابعي هذه الأعمال بين تلك الفترة والآن؟؟
(نصار) بداية سؤال جيد,وتالياً تسمية الأغنية باليسارية,أو الملتزمة , هي تسميات حزبية بحتة وفي الحقيقة لاأعرف من اين أتت ولاكيف, أنا اصنع أغنية ولا أضع أغنيتي في تسمية القوالب , واذا كان لابد من تسمية فلتكن *الأغنية البديلة*,كونها تطرح وتعالج مواضيعا مغايرة للسائد.
الالتزام الحزبي والفكري شيء, والموسيقى والأغنية شيء آخر وإن انعكس هذا الالتزام على الاغنية نصا وموسيقى.
بالعودة الى سؤالك,نعم هناك تغير في العمل الموسيقي والغنائي وبالتالي فهذا ينعكس حكما على المتابعين لنوعية أعمالنا. في السابق كانت اغنياتنا وموسيقانا تحاكي يوميات الحرب...وكان جمهورنا مسيسا وحزبيا وتحديدا من المقاتلين..
بعد انتهاء الحرب أصبح لابد من التفتيش عن مسار جديد لأعمالنا مع مراعاة الابقاء على نفس النهج الذي كنا نعمل عليه الا ان انهيار التجربة السوفيتية والمنظومة الاشتراكية,ووضع لبنان تحت رحمة الرأسمال السياسي, وسيطرة الطائفية والمذهبية والعفو عن العملاء,وتساقط العديد من القيادات السياسية الوطنية, واعتكاف الكثير من المناضلين, جعلنا نبتعد لفترة ونراقب.
البعض من العاملين والناشطين في نفس الاطار اختار الابتعاد لفترة, البعض الاخر غير مواقفة كما يغير تصفيفة شعره, تماشياً مع الاوضاع الجديدة, والبعض استغل فراغ الساحة من هكذا اعمال موسيقية وغنائية واعتبرها فرصة للتجارة والربح المادي تحت شعار الالتزام والسياسة الخ...
(سكون) امضيت الحقبة الاكبر فنياً خارج لبنان كيف اختلفت تجربتك فنيا بين لبنان والخارج؟
(نصار) في لبنان كنت لا ازال في البدايات, وحوربت من قبل بعض الاسماء التي كانت محسوبة على الاغنية السياسية كوني قدمت لونا مغايرا عنهم, وليس مكررا مثل اعمالهم, وبدأ اسمي يوضع مع اسمائهم الكبيرة في مدة زمنية قصيرة, اما الاشخاص الوحيدون الذين اهمتوا فعلا بتجربتي وعملوا على تنميتها واتخاذها المسار الصحيح فهم: بطرس روحانا, وسامي حواط ,وعلى المولى، وسمير دياب ومرسيل خليفة.
كنت ارغب البقاء في لبنان وانماء تلك التجربة, لكن الظروف السياسية والامنية ومحاولة الاغتنيال الفاشلة, كل ذلك دفعني للمغادرة وتوقفت سبع سنوات تابعت خلالها الدراسة الموسيقية, وبعد حصولي على درجة الدكتوراة في العلوم الموسيقية وانخراطي في العمل الموسيقي الاكاديمي, بالاضافة الى النشاط السياسي في الغرب, وقعت احداث 11 سبتمبر, فكان لابد من العودة الى الأغنية لمواجهة التمييز العنصري, والمضايقات الامنية, والمعيشية بحق الجاليات العربية فعدت للأغنية من باب اغاني الاحتجاج Protest Songs باللغتين الانكليزية والفرنسية.
الاختلاف بين عملي في لبنان وعملي في الغرب هو ان في الغرب هناك معايير اخلاقية ومسلكية وثقافية تحكم العلاقات بين الموسيقين, بالإضافة الى وجود مختصين في ادارة الاعمال الموسيقية, عدا عن استيعاب الغرب للموسيقى بطريقة مغايرة.
للأسف في لبنان يذهب متابعوا اعمالنا لحضور أمسياتنا فقط كي يمضوا وقتا جيدا, ويهتفوا ببعض الشعارات السياسية المكررة, والتي لم يعد أحد على استعداد لسماعها, بينما في الغرب فالمتابع يذهب لحضور أمسية موسيقية أو غنائية للاستمتاع أيضا , ولكن عندما يكون هناك كونسرت من اجل قضية عادلة يخرج من الكونسرت ويعمل من أجل تلك القضية.
أضيف الى كل ماذكرت , ان الموسيقي والفنان عامة في الغرب لا يقول عن نفسه أنه محترف, بل يعتبر ان كل ما قدمه, ويقدمه هو من باب التجريب.
(سكون) سياسيا ماذا أضاف فنك للشارع العربي, ونحن نعلم ان معظم اغنياتك تحاكي القضية؟
(نصار) لا استطيع القول انني اضفت جديدا , سوى التمسك بالحلم, ورفع شعار*المجد للذي يقول لا* باستثناء اغنيتي, والتي كانت السبب في شهرتي * على طريق عيتات* التي تردد في كل انحاء العالم العربي وقلة من يعرفون ان هذه الأغنية هي من كلمات والحان وليم نصار.
(سكون) على صعيد اليسار , او كحزب شيوعي تحديدا كيف تقيم عمله الحالي؟ وهل مازال يحمل القضية كما كان في ايام الحرب الاهلية.
(نصار) مفهوم الحزب هو مجموعة بشرية تلتقي معنويا وروحيا وفكريا من اجل تحقيق برنامج معين, فعندما يفتقد الحزب لهذا الالتقاء الفكري والمعنوي والروحي يصبح لاضرورة لوجوده.
بالتأكيد لم يعد الحزب الشيوعي في السنوات الخمس عشر الماضية , هو نفسه الحزب الشيوعي ايام الحرب الأهلية وبالتالي , فإن الشيوعيين انفسهم لم يعودوا لافكريا, ولا أخلاقيا, ولا مناقبيا, ولانضاليا, كما كانوا ايام الحرب الأهلية وما قبلها.
كيف بإمكانك إقناعي بشيوعي لايعرف من النضال غير لبس البيريه وارتداء كوفية , ونظارات شمسية رايبون؟!
أو بنطلون جينز مهترء سعره 300 دولار, وحذاء الدو او كلاركس بأربعمائة دولار, والنزول في مظاهرة من عشرة اشخاص ليلتقط صورا لنفسه ويضعها على صفحته الفايسبوكية؟!
كيف لي ان اقتنع بالشعارات التي يطرحها هذا الشيوعي حول المساواة والعدالة والحرية والدفاع عن الطبقات الفقيرة؟!
هناك حالة توحد مرضية, وشيزوفرانيا, يعاني منها الشيوعيون الحاليون, فهم ضد حزب الله لمصادرته المقاومة والاستئثار بها, ومع حزب الله عندما يرفع شعارات تعزف على الانتماء الطائفي الدفين في النفوس, ومع قتل الشعب السوري وضد قتل اسرائيل للفلسطينيين!! تلك مجرد اسئلة.
أما الحزب الشيوعي اللبناني كمؤسسة, فإنه فقد اهم ركائزه الا وهي الوحدة الفكرية, بالإضافة الى تمسكه بخطاب الخمسينيات والستينيات وعدم قدرة قيادته وكوادره وقاعدته على مواكبة العصر, فمثلا:لايزال الحزب يتحدث عن البروليتاريا, والكل يعرف انه لايوجد في لبنان بروليتاريا, فالبروليتاريا الوحيدة في لبنان هن الخادمات السيريلانكيات
هنالك العديد من القضايا المطلبية التي يستطيع الحزب الشيوعي العمل عليها, بدلا من حالة التخبط التي يعيشها, اهم تلك القضايا هي الطائفية والمذهبية, مثالا لاحصرا : بالإضافة الى القضايا المعيشية وقضايا الحقوق المدنية الخ...
فبدلا من وضع برنامج نضالي ومطلبي شعبي للتصدي للحالة الطائفية جماهيريا, وطلابيا, وشبابيا نرى ان الحالة الطائفية والمذهبية قد اخترقت الحزب الشيوعي وبشكل سافر حتى تكاد حرف الواو تسقط من كلمة شيوعي...
ربما يكاد الرفيق حنا غريب الشيوعي أن يكون الوحيد القادر على تحريك بعض الشيوعيين اللبنانيين ومؤيدي اليسار, لكن هذا لايلغي ان الحزب بحاجة الى تجديد, الا ان المشكلة الاهم في الحزب هي *الستالينية* القميئة, والتي تمارس على كل من يطرح رأيا مغايرا او يعترض, وبالنتيجة تم تفريغ الحزب من اهم كوادره, ومثقفيه, وناشطيه اما بالتحجيم او بالفصل او بالطرد او ممارسة الاغتيال المعنوي, أي التشهير.
(سكون) وجهت رسالة للسيد حسن نصر الله, ولماذا تمنيت ان يكون شيوعيا بالرغم من انه رجل دين وهو لديه قضية ايدولوجية دينية احد اهدافها المقاومة التي تلتقي مع الفكر الشيوعي في الاساس؟ الا تعتبرها مغامرة وانت مندرج من فكر يرفض الايدولوجية الدينية ويطالب بالمساواة والحكم الاشتراكي؟
(نصار) موضوع الرفيق حسن نصر الله شائك, نعم هو رجل دين, ومن شريحة الاقطاعيين الدينيين(سيد)...
الامر انني مع هذا الرجل في مقاومته لاسرائيل... واعتبر باننا كشيوعيين فشلنا في الاستمرار بالعمل المقاوم ليس فقط لاسباب موضوعية خارجية بل ايضا العامل الذاتي لعب دورا مهما في تفريغ مقاومة الشيوعيين من محتواها, بينما نجح حسن نصر الله في تحويل العمل الى عنصر توازن.
تمنيت لو كان حسن نصر الله شيوعيا لعدة اسباب اولها الكاريزما التي يتمتع بها هذا الرجل, والتي نفتقد كشيوعيين الى كاريزما قيادية بعد رحيل جورج حاوي.....
وتمنيت لو كان شيوعيا لأنه استطاع توحيد شريحة واسعة من مجتمعه خلف برنامج سياسي عنوانه *مقاومة اسرائيل*, بينما نحن غير قادرين على تنظيف بيتنا من الشوائب والغبار..
وتمنيت لو كان شيوعيا لوجود الشفافية لديه, فهو يفعل مايقول, لايهمني ان كان محقا ام لا, الاهم عندي انه ينفذ مايقوله ولايرفع الشعارات جزافاً.
الرسالة التي وجهتها للرفيق حسن نصر الله, والتي انتشرت في كل أصقاع الارض عبر وسائل التواصل الاجتماعي والموبايلات وغيرها...
لم يفهمها لا الشيوعيين ولامناصري حزب الله..
فالشيوعيون فهموها من باب المديح له والتقليل من شأن الشيوعيين فقط, بينما فهمها مناصرو حسن نصر الله من الباب الطائفي الضيق.
(سكون) الم تخف بان تتهم بأنك معارض؟ وقد قرأنا في الاعلام رسالة موجهة عن موقفك ضد الحزب الشيوعي فما رأيك؟
(نصار) لم اكن يوما ضد الحزب الشيوعي اللبناني ولن اكون, كل مافي الامر انني قلت لن البس الخسة مرة اخرى, أي لكم شيوعيتكم الجامدة الستالينية غير الانسانية التي لم تعد تصلح لهذا العصر, ولي شيوعيتي التي محورها ومرتكزها الانسان.
لا لم اخف من أي اتهام قد يوجه لي وقد وجه بطبيعة الحال عبر تحريك الطائفة الجديدة الطارئة على المسلكية الشيوعية والتي اسمها * شبيحة الحزب الشيوعي* وجلهم من طائفة واحدة للأسف ..
ولماذا اخاف؟!
يعرف الشيوعيون قيادة, وكوادرا, وقاعدة انني الوحيد الذي بقى يعمل ويؤسس ويبني مؤسسات وخلايا وفرق واصدقاء للحزب الشيوعي اللبناني وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية خلال سنوات الانكفاء الحزبي المؤسساتي, حتى بات نشاطنا اكبر واقوى واكثر فاعلية وشمولية من الحزب نفسه, وباعتراف قيادة الحزب. وقد اختلفت مع قيادة الحزب على طريقة واسلوب ادارة النشاط الحزبي والجاليوي خارج لبنان, ورفضت اسلوب الاوامر الستالينية وتحملت مسلكية التشهير*تفليت الزعران* الامر الذي احدث فراقا جماعيا, آمل ان يكون مؤقتا.
(سكون) كرمت من قبل الرئاسة الفلسطينية لرفضك تسلم جائزة مهرجان الموسيقي المتعددة الاثنيات في كيبك - كندا, بعدما طلب منك مصافحة الموسيقية الاسرائيلية هيلاينا أنحايل, بذريعة أن الموسيقى فوق الخلافات السياسية, ماذا أضاف لك هذا التكريم في مسيرتك الفنية الطويلة ونضالك الفني؟
(نصار) التكريم كان منحي جواز سفر فلسطيني دبلوماسي فخري انا والاسير المحرر سمير قنطار ليس فقط بسبب رفضي مصافحة المؤلفة الموسيقية الاسرائيلية, ولكن لسبب انني كنت اول من رفع الصوت لفك الحصار عن غزة. واول من نظم اعتصامات واضرابات وتحركات من اجل فك الحصار عن غزة.
هذا التكريم اضاف التصاقا وايمانا اكبر بعدالة النضال الفلسطيني ضد الاحتلال, وايمانا راسخا لايتزعزع بان الحل للصراع الطويل مع الاحتلال لاينتهي الا بإقامة دولة وطنية ديموقراطية لكافة مواطنيها.
(سكون) في الوقت الحاضر, علمنا ان لديك عمل جديد, اخبرنا تفصيله.
اعمل منذ مدة على البوم جديد بعنوان*شو بتشبهي الرمان*.. وقد انتهيت من تسجيله تقريبا والنصوص والموسيقى في الالبوم هي تجربة جديدة سواء على صعيد الكلمة أو الموسيقى.
يحمل العمل الطابع الانساني الرافض للحروب والموت وهي دعوة للقتال باستخدام سلاح الحب, بدلا من الرصاص والقذائف.
استلمت عرضا من احدى الشركات الانتاجية الفنية الغربية لكنني رفضته لدعمها اسرائيل والمستوطنات مقطع من الاغنية الاساسية من الالبوم:
جسمك دهب صافي
بلون الخبا غافي
اسمر قمح لبنان
ولووو...لوووو...
شو بتشبهي الرمان..
(سكون) لبنان والعالم العربي يمر في ظروف صعبة , اذا طلبت منك ان توجه رسالة للشباب العربي اليوم ماذا تقول؟
(نصار) في زمن ما وقعنا في غرام الحروب والثورات واستفقنا على سلم مفجع ومئات الاف الجثث والمعاقين والجرحى والمهجرين بعد كل حرب...يموت من يموت...ويبقى فقط مشعلوها وقادتها يتنعمون بما جنته ايديهم على حساب عرقكم وتعبكم ودمائكم وايمانكم بافكار سرعان ما سيتخلى عنها عند السلم من كان يرسلكم الى الموت.
علموا اطفالكم الموسيقى, علموا اطفالكم الحب.